الخميس، 7 أغسطس 2014

محمد العرب يكتب .... عمر يسأل: هل نحن بحاجة لمجلس الأمن؟




هكذا وبدون سابق موعد وبلا مقدمات قال لي ابني عمر الذي يبلغ من العمر 13 عاما, هل نحن بحاجة لمجلس الأمن يا أبي؟
في البداية قلت له بشكل ارتجالي بدون تفكير معمق.. نعم نحن بحاجة له بالطبع.
فقال لي اشرح لي!
فحاولت ان اعصر ذهني لأجد ما هي الايجابيات التي يمكن ان تحققها الدول العربية والاسلامية والخليجية خاصة من وجودها ضمن هيكل صوري عاجز عن حسم أي ملف لصالحنا، وشاطر جدا في حسم الملفات ضدنا!
فقلت له يا عمر بصراحة.. أعتقد أن كلامك فيه شيء من المنطق!
وغيّرت الموضوع لأنسحب بهدوء إلى الحاسوب لكتابة هذا المقال بعد عملية بحث واستذكار لما كان من هذا المجلس بحق شعوبنا الاسلامية والعربية...
يعتقد الكثير من الشعوب العربية والاسلامية أن المجلس أداة ظلم لنا ولم يكن ابداً أداة انصاف، فالمجلس يتعامل بازدواجية مع قضايانا العادلة.. وكلامنا هنا مدعوم بعشرات الوقائع منذ الاحتلال الصهيوني لمضارب بني يعرب إلى الاحتلال الايراني لمضارب بني يعرب ايضاً، فالمجلس يكيل بمكيالين والتيار الامريكي يستخدم مجلس الأمن وفي بعض الأحيان حتى الأمم المتحدة كأداة تهاجم بها خصومها وتحمي بها نفسها وحلفاءها بل وفي بعض الأحيان هو أداة للعقاب وفق نظرية عنترة بن شداد «اضرب الضعيف لترهب القوي».. مقولة نتداولها في مجتمعاتنا العربية وهي تمثل الواقع، نحن باختصار نعيش اليوم في عالم الغاب الذي لا تتحكم به القوانين ولا يسير وفق الضوابط الانسانية والايمانية التي تؤطر لكل شيء ومنها الاحترام المتبادل، وصون الحقوق للجميع. وما القوانين التي تُبشر الجميع بالامن والامان والحقوق والواجبات والامتيازات الا عبارات من الحبر على ورق المصالح عندما يكون الامر متعلقاً بصراع القوى السياسية الكبرى.
هذه هي الحقيقة.. أمريكا تلتهم مجلس الأمن فإذا ارادت أن تحصل على دعم من هذا المجلس فما عليك إلا أن تفاوض امريكا لتحصل على ذلك الدعم ولكن بعد أن تقدم شروط الطاعة والولاء , حتى اصبح مجلس الأمن عبارة عن الباب الخلفي للمطبخ السياسي الامريكي، أما ضحايا هذا المجلس فهم المستضعفون العرب والمسلمون الذين دفعوا ثمن ما انتهى إليه مجلس الأمن الذي لم يحدث أن أنصفنا بل لم يمنع عنا عدواناً ولا جريمةً ارتكبت بحقنا.
نعم، أيها السعودي.. لك أن تفخر بما فعلته سياسة بلدك في محفل المظالم المدعو مجلس الامن زوراً وبهتانا، فقد قالت لا كبيرة بوجه الطغيان العالمي انها خطوة الكبار غير المسبوقة كما وهذا ما أكده المتحدث باسم الأمم المتحدة مارتن نسيركي للصحفيين «إن عدنا بعيداً إلى الوراء لا نرى أي حالات مماثلة لهذه الحالة». وقال «حتى زملائي في مجلس الأمن أو في الجمعية العامة ممن تعود ذاكرتهم إلى ماض بعيد لا يتذكرون مثل هذا الحدث» حيث إن دولة منتخبة في المجلس ترفض شغل مقعدها في مجلس الأمن.
وما يزيدك فخرا ايها العربي وايها السعودي أن السعودية لم تقل لا، وتصمت , بل استرسلت بشرح الدوافع والأسباب وهي أن مجلس الأمن بسبب ازدواجية المعايير وآليات العمل عجز عن تحمل مسئولياته تجاه الأمن والسلم، وفي هذا الصدد أشار البيان السعودي تحديداً إلى ثلاث قضايا كبرى عجز فيها مجلس الأمن عجزاً كاملاً، هي القضية الفلسطينية التي مازالت من دون حل منذ خمسة وستين عاماً، والعجز عن جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، والعجز عن إنهاء الأزمة في سوريا.
أي أن هذا العجز كان في حد ذاته سبباً لتقويض الأمن والاستقرار في العالم واتساع رقعة مظالم الشعوب واغتصاب الحقوق، وبالتالي فإن السعودية اتخذت هذا الموقف لضعف الأمم المتحدة وأجهزتها، وخاصة مجلس الأمن في عدم قيامها بالدور الواجب لحل القضايا الإقليمية والدولية التي تتعلق بالأمن والسلم الدوليين.
لذا لا معنى أن نجعل انفسنا ملزمين بقرارات مجلس الأمن ولا معنى لنقل نعم لكل ما يقوله ذلك الساكن في البيت الابيض، السياسة الامريكية الغبية اخرجت الاسد من العزلة الدولية بعد الاتفاق الكيمياوي الوقح الذي أعلنت فيه سوريا قبولها بوضع أسلحتها الكيماوية تحت إشراف الأمم المتحدة، القرار وقح ومعيب لأنه تم توقيعه فوق اشلاء أكثر من 100 ألف شهيد اغلبهم من النساء والاطفال والمسنين.
يقول الباحث الأمريكي وليليام بروك هوايت، الخبير في القانون الدولي، إن هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة لما سيكون عليه مجلس الأمن، السيناريو الأول هو أن يظل المجلس على ما هو عليه، والسيناريو الثاني هو الإصلاح والتفعيل، ولكنه السيناريو الأقل احتمالاً، أما السيناريو الثالث فهو الانهيار بسبب أزمة عالمية إما أن تؤدي إلى الإصلاح، أو أن تفقد المجلس شرعيته، ويرى «هوايت» أن أفضل أمل لمستقبل المجلس يكمن في حدوث أزمة كبيرة تدفع إلى المطالبة العاجلة بإصلاحه بدلاً من الانهيار.
بعد ان اكملت المقال ذهبت إلى غرفة ابني عمر لأقول له آسف يا ولدي لقد كنت على حق تام، فأنا أعتقد أننا لسنا بحاجة لمجلس الأمن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق