الخميس، 7 أغسطس 2014

محمد العرب يكتب .... الديك الفرنسي ينقر الحمار الأمريكي!




كل شيء ممكن في السياسة, يمكن لحلفاء الامس القريب ان يخوضوا حربا ضروسا بسبب نكتة او لعبة كرة القدم مثلا كما حدث بين السلفادور وهندوراس في أمريكا الوسطى عام 1969 عندما أدت مباراة كرة قدم في إطار التأهل لمونديال 1970 بين الفريقين لحرب بين الدولتين, فلا يوجد في السياسة عداوات دائمة ولا صداقات دائمة..
فالديك الذي يرمز لفرنسا والذي رفض نابليون وقتها ان يكون شعارا لدولته القوية معللاً رفضه بأن الديك ليس قوياً ولا يمكنه أن يمثل صورة امبراطورية مثل فرنسا حينها, استطاع هذا الديك ان ينقر حمار الحزب الديمقراطي الامريكي الحاكم بين عينيه ببراعة, طبعا الحمار هو شعار الحزب الديمقراطي الحاكم, ولنقرة الديك الفرنسي حكاية حيث كشفت مصادر فرنسية لصحيفة «لوموند» الفرنسية بأن وكالة الأمن القومي الأمريكية قامت في فترة ثلاثين يومًا بين 10 ديسمبر 2012 و8 يناير 2013 بجمع 70,3 مليون تسجيل لبيانات هاتفية للفرنسيين, وذلك استنادًا إلى وثائق سرّبها المستشار السابق في الوكالة إدوارد سنودن وهو ماعلق عليه وزير الداخلية الفرنسي، مانويل فالس بأن المعلومات عن تجسس وكالة الأمن القومي الأمريكية على نطاق واسع على اتصالات الفرنسيين «تثير الصدمة» و«تستدعي إيضاحات».
طبعا لا يمكن لاحد ان يقنعني بان فرنسا اكتشفت قضية التجسس من خلال خبر منشور في صحيفة لوموند, شخصيا اعتقد ان الاجهزة الامنية الفرنسية على علم تام بهذا الموضوع منذ البداية وربما تكون هي من تقدم التسهيلات في اطار التعاون الامني او مكافحة الارهاب المزعوم لكن ما حدث عبارة عن بالون اختبار كرد دبلوماسي بعد ان احترف الحمار الامريكي اللعب السياسي المنفرد على عكس الفيل الامريكي الجمهوري الذي كان يتوافق مع الديك في اكثر من ملف..
ببساطة اصبحت ادارة اوباما تتجاهل فرنسا إلى درجة انها تريد ان تتدخل في سوريا ولبنان مثلا وحدها متجاهلة ان فرنسا وبسبب الارث الاستعماري تجد نفسها دوما ملزمة ان يكون لها صوت في البلدان التي كانت مبتلية بالاستعمار الفرنسي البغيض وان الديك الفرنسي يحترف (نفش الريش) في مستعمراته السابقة, فرنسا لم تكتف بالتصريحات الصحفية بل قامت وزارة خارجيتها باستدعاء السفير الامريكي وسربت وسائل اعلامها اخبار اخرى بان المستهدفين من التجسس الامريكي ليس فرنسا وحدها بل ان الامر وصل إلى كليوبترا اوروبا المستشارة أنجيلا ميركل التي كانت قوية كعادتها حيث حثت الولايات المتحدة على السعي لاستعادة ثقة الاتحاد الأوروبي بعد انكشاف التجسس الأمريكي في دول أوروبية وصرحت ميركل عقب وصولها إلى اجتماع قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل نحن بحاجة إلى الثقة بين الحلفاء والشركاء, ويجب استعادة هذه الثقة وقالت ميركل «ليس من شيم الأصدقاء التجسس على بعضهم البعض, ورغم التصريح القوي لكليوبترا اوروبا الا انه تصريح يشبه تصريحاتنا كعرب عن خيبة الامل من تصرفات امريكا رغم ان تاريخ السياسة الامريكية مليء بالشواهد على ان امريكا ليس لها اصدقاء وان منطقتنا تحتفظ في ذاكرتها السياسية بقصص الخيانة الامريكية من زمن شاه ايران إلى زعماء الربيع العربي الجدد واصحاب الفخامة من المخلوعين والمتنحين والمقتولين والهاربين في بلدان ربيعنا الدموي.
الموقف الفرنسي سبقه تأييد لموقف السعودية في رفضها للمقعد الصوري لمجلس الامن في خطوة اعتبرها شخصيا محاولة للخروج من تحت قبعة العم سام الذي اشبعنا ضجيجا ولم نر طحينا كما انها اشارة إلى عمق العلاقات السعودية الفرنسية ولعلنا الان نعرف قيمة الزيارات المكوكية للمسؤولين السعوديين إلى عاصمة الانوار باريس.
هذه الاشارات الفرنسية والالمانية تحتم على حزب الحمار الديمقراطي الحاكم في امريكا ان يعيد حساباته مع شركاء الامس حيث يبدو ان العالم كل العالم من الكبار والصغار ضاق ذرعا بالتصرفات الامريكية المتذبذبة وعلى حزب الحمار الديمقراطي الامريكي الحاكم ان يعي ان هنالك قوى عظمى جديدة تولد وان هنالك تكتلات سياسية قد تكون في مصاف الدول العظمى فلم يعد العالم يتحمل المزيد من الحماقات السياسية ولا المراهنات ولا المغامرات غير المحسوبة وعلى امريكا والدول الكبرى المؤثرة ان يحسموا نزاعاتهم التوسعية بعيدا عن رقاب الابرياء ودماء الاطفال.
للتذكير فإن شعار الحمار لم يكن بمثابة التعويذة للديمقراطيين, ولها قصة أخرى تعود تفاصيلها لعام 1828، عندما أطلق منتقدو الرئيس الديمقراطي، أندرو جاكسون الرئيس السابع للولايات المتحدة هذا اللقب في سخرية من آرائه ووجهات نظره وشعاره الذي يرفعه (لتكن السيادة للشعب) ويبدو أن الفكرة راقت لجاكسون الذي قرر رفع تعويذة الحمار كشعار لحملته، ليعود ويستخدمه رسام الكاريكاتير ناست في تصوير للحزب الديمقراطي.
اذاً هذه حكاية الديك والحمار وقانا الله وإياكم نقرات الديك ورفسات الحمار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق