الخميس، 7 أغسطس 2014

محمد العرب يكتب .... روحاني المؤمن سيضمن خروجا آمنا للكفار




هكذا بلا مقدمات وعلى طريقة الأفلام الهندية تنتهي خرافة الصراع الأمريكي الايراني بابتسامة اوبامية ووعود روحانية ولتذهب كل تصريحات العرب والمجتمع الدول عن الخطر الإيراني إلى الجحيم، بوادر التقارب بين الطاووس الايراني وحفيد العم سام ظهرت في ارض الكنانة عندما أخذ خامنئي واحمدي نجاد ينتقدان عزل الرئيس محمد مرسي وهو موقف يطابق التصريحات الامريكية المتعاقبة حول الطريقة والآلية التي تمت فيها عملية العزل او الخلع او الإزاحة اختلفت التوصيفات والنتيجة واحدة، وانا هنا أذكر وقائع ليس لها علاقة بموقفي الشخصي من حكم الإخوان في مصر الذي اعتبره فترة مضطربة، وان رياح المنطقة كانت تجري بشكل عاصف ضد سفن الاخوان...
بعد هذا التقارب بأشهر نشرت نيويورك تايمز عبر موقعها الإلكتروني خبر مفاده بأن الاتفاق العالمي على تدمير أسطول الأسلحة الكيميائية السوري قد وضع الدبلوماسية مجددًا في مركز الصدارة في السياسية الأمريكية الخارجية ورأت الصحيفة، أن فرض «خط أحمر» أمريكي على الأسلحة الكيميائية السورية ليس سوى مقدمة للتعامل مع أمر أكثر خطورة وهو البرنامج النووي الإيراني، ورأت أيضًا أن خطاب الرئيس الإيراني حسن روحاني وتظاهره بالمرونة يبشر بحل دبلوماسي وتابعت الصحيفة الأمريكية: «سيكون من السذاجة أن تزعم أمريكا أن إيران تتفاوض (على برنامجها النووي) من موقف ضعف، بل على العكس، فقد خرجت إيران بعد الربيع العربي في وضع أفضل من كل خصومها بالمنطقة، بالإضافة إلى استمدادها قوة أكثر من الاضطرابات في سوريا حليفتها» واستدلت الصحيفة على وجهة نظرها في هذا الصدد، بخطابات روحاني التي ميزت إيران عن جيرانها العرب، وأكدت أن طهران في وضع فريد...
وما تنشره نيويورك تايمز لم يأت من فراغ أبدا، ولعل اهم ما ذكرته الصحيفة عبارة (خرجت إيران بعد الربيع العربي في وضع أفضل من كل خصومها بالمنطقة، بالإضافة إلى استمدادها قوة أكثر من الاضطرابات في سوريا حليفتها)..
وبهذا شهدت المخروبة (المعمورة سابقا) صفحة جديدة من العلاقات الايرانية الامريكية التي كانت بين شد وجذب طوال الاربعة عقود الماضية كانت السنوات الثمانية الأخيرة ساخنة ونارية في ظل وجود الرئيس المجنون أحمدي نجاد الذي يصر على أن الإمام المهدي الغائب هو من يختار له قراراته ويرسم له سياساته وانه جهة تنفيذ ليس إلاّ... ولله الأمر من قبل ومن بعد...
مرحلة الغزل العفيف ظاهرياً جاء بعد إصرار امريكي على التواصل مع حسن روحاني في صورة لم يعتدها المجتمع الدولي ... مرحلة (الترقيم) بين اوباما وروحاني شجعتها كبرى الشبكات الاعلامية الامريكية وذلك عبر استطلاع سي.إن.إن الذي خلص بأن 76% من المشاركين في الاستطلاع يشجعون التقارب بين العمامة الايرانية والقبعة الامريكية، ماراثون الغزل هذا هو للاستهلاك الإعلامي ليس إلاّ؛ لأن وراء هذا الغزل صفقة بحسب ما اعتقد والله أعلم
1. اوباما أمام معضلة إخلاء الآلاف من جنوده في افغانستان وباكستان ليخرج من فترة حكمه الثانية كبطل سلام في عيون المغفلين، إن الاخلاء هنا ليس للأفراد بل للترسانة العسكرية الضخمة والتي تتكون من آلاف القطع الحربية من مدرعات ودبابات عملاقة، لذا سيمنح حسن روحاني خروجا آمنا لقوات الكفار الامريكان كما يصفهم مرجعه خامنئي وهذا الخروج سيكون أقل تكلفة أولا واكثر أمنا لاسيما بعد عودة الحياة إلى أوصال القاعدة في اكثر من منطقة هي بالضرورة ستكون مناطق مرور القوات الامريكية المنسحبة، بالمقابل ستقوم ايران بالانتشار في مواقع القوات الامريكية ولكن بتكتيك ديني تحت غطاء نشر التشيع والأعمال الإغاثية. وكانت صحيفة افغانية تحدثت قبل سنة عن اتفاق الرئيس الأفغاني حميد كارزاي مع نظيريه الإيراني احمدي نجاد والباكستاني آصف زرداري، خلال قمـة مشتركة لمكافحة الإرهاب عقدت في طهران، على توحيد جهودهم لمكافحة ما يسمى «التشدد ونشاطات المسلحين»، بمعنى ان لعبة تبادل الأدوار واضحة لكل عاقل ومن لا يراها فمصاب بالعمى أو لعله يدّعي ذلك، شخصيا أتحمل مسؤولية هذا التحليل والأيام القادمة هي الحكَم بيني وبين المخالفين
2. سيتعهد روحاني بخوض حرب بالوكالة على المجاميع الجهادية وذلك بمحاصرتها في العراق عبر حليفه المالكي وباقي أحزاب المنطقة الخضراء ليقلل الحرج الواقع على ادارة اوباما بعد ان فشل في قراءة المشهد المصري، فأوباما يعاني من تبعات موقفه السياسي من ثورة الثلاثين من يونيو في مصر التي اطاحت بحكم الاخوان بعد سنة يتيمة على عرش مصر، وكان اوباما قد حسم أمر التعاون مع حكومة الإخوان بموجب اتفاقات بدأت تظهر أخبارها تباعا عبر وسائل الإعلام الامريكية وسيستمر ظهورها إلى الفترة الثانية لحكم اوباما كما جرت العادة في بلاد العم سام، اوباما كان يتوقع أن الاخوان في مصر سيساعدوه في حصار الجماعات الجهادية في مضارب بني يعرب وإسكات حماس عن التحرش بإسرائيل بحكم المرجعية الفكرية كما يمكن اعتبار هذا الغزل في بعض جوانبه عقابا جماعيا للدول التي تشكل التحالف العربي والخليجي ضد الإخوان .
3. امام هذه التعهدات الروحانية فإن ضرب نظام الاسد اختفى من اجواء السياسة الامريكية بعد ان صدّق العالم بأن الضربة لا ريب فيها، تلتها خروج تسريبات تفيد بأن هنالك اتفاقا روسيا امريكيا على بقاء الأسد حتى نهاية فترته الرئاسية وربما إلى ما بعد ذلك
4. كما ان السياسة الامريكية اصبحت اكثر نعومة مع الحليف الثاني الإيراني في بلاد الرافدين فلم تعد التصريحات الامريكية تنتقد المالكي وفشله الذريع في تحقيق الأمن او القضاء على الفساد او حتى توفير الخدمات وتقليل الاحتقان الطائفي بل وعادت المصطلحات الرنانة مثل الحرب على الارهاب والقاعدة في بلاد الرافدين للظهور في الخطاب الامريكي مع تواتر أنباء عن تمديد حكم المالكي لفترة ثالثة على خلاف الدستور العراقي الذي كتب برعاية امريكية
5. ولمزيد من الحميمية في الغزل العفيف الذي تحوّل إلى غزل إباحي لا يراعي منطقا او عُرفا، تم حشر اسم البحرين في خطاب اوباما في عبارة تذكرني في المثل العربي الساخر (عرب وين طنبورة وين)
6. التلويح باسم البحرين كان مقصودا؛ فهو لإرضاء العمائم الايرانية وتهديد الانظمة العربية المعترضة على الغزل الإيراني الامريكي الذي لن يبقى عفيفا ابدا
ختاما.. ما تقدّم قراءة شخصية للتقارب الإيراني الامريكي؛ لأن التاريخ يذكر لنا مئات الحوادث التي تثبت ان امريكا لا تهرول عبثا وأن إيران لا تتخلى عن عنادها بلا مقابل، وأعتقد ان خامنئي سيظهر علينا بفتوى توقف أو تحجّم البرنامج النووي كنوع من الإعلام الدعائي، بالمقابل اتوقع ان تطلق إيران المزيد من أذنابها في المنطقة العربية والخليجية تحديدا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق