الخميس، 7 أغسطس 2014

محمد العرب يكتب .... من قتل فاطمة وعائشة ؟





خبر حزين أخر يلاحقني كالحلم المجنون حيثما أكون ، خبر متوقع في بلد تحكمه عمامة وزعيم مجنون ، الخبر مفاده لقد حلقت في سماء عراق الدم والدمار كوكبة آخرى من الشهداء ، عائلة مكونة من شقيقين وزوجتين وطفلتين جريمتهم الوحيدة أنهم يعيشون في بلدهم بسلام ، وهذه جريمة تستحق الموت بحسب قاموس العمائم السوداء الطائفية ، تنتمي هذه العائلة إلى غرب العراق  ، غرب تشرق منه الشمس ،  لأن فيه الكرمة والفلوجة والخالدية والرمادي وراوه وعنه وحديثة والقائم وكبيسة والرطبة والصقلاوية....
غرب الآباء والعزة والكرامة ، ولكن أيها القاتل فأمثالك يتلذذ بقتل الشرفاء لأنك تريد عراقا بلا شرفاء...
 اذن أصبح عدد الشهداء الذين سقطوا من عائلتي 46 ولو تحدثنا عن عدد شهداد قبيلة زوبع الشمرية فالعدد أكبر بكثير أما إذا تحدثنا عن العراق فنحن تجاوزنا الميوني شهيد وبهذا نتفوق على أشقائنا الجزائريين بلد المليون شهيد ، هكذا رحل أحمد ومحمد وغدا الله يعلم من يلتحق بكوكبة الشهداء.
الشقيقان محمد واحمد من أقاربي وهما من أصدقاء الطفولة والصبا لم يكملوا دراستهم الأولية بسبب سعيهم في دروب العمل والبحث عن الرزق الحلال بعد أن غيب الموت والديهما ، محمد وأحمد من الشباب الفلوجي المكافح ومن أهل المساجد والفزعة الاسلامية والعشائرية، محمد وأحمد لم يتعاطيا مع السياسة ولا الأحزاب وحياتهما يمكن إختصارها بالعمل منذ خيوط الفجر الأولى الى مغيب الشمس في أرضهم الزراعية التي تركها لهما والدهما ، تزوج الشقيقان محمد وأحمد في ويوم واحد ورزق محمد بفتاتين جميلتين هما فاطمة وآيات بينما رزق أحمد بفتاة جميلة اسمها عائشة ، هذه هي بأختصار حياة الشقيقين اليتيمين المجتهدين...
لكن في عصر الديمقراطية الأمريكية فإن البسطاء هم وقود الحرب التي تندلع متى ما إقتضت الضرورة السياسية لأمريكا وحلفائها ، يوم أمس حصدت ماكنة الموت المالكية الطائفية أرواح محمد وأحمد وزوجتيهما وعائشة وفاطمة ولم يتبقى من العائلة إلا الطفلة آيات التي يبدو أنها ستعيش مع الإعاقة ما تبقى من حياتها البائسة في عراق ما بين القهرين ...
نزعة الإنتقام الطائفي لدى المالكي ومليشياته هي عبارة عن نزعة مرضية طائفية يروج لها تجار الحروب والأزمات , ويتم تجربتها على البسطاء والمساكين والفقراء الذين لا ملجأ لهم منها ، لقد أصبح مشاهد الفتك بالأجساد الطرية للأطفال أو جثث الرجال التي يتم تقطيعها بطريقة مقززة وشرسة ومؤلمة ومشاهد الدمار والخراب والحرق والإصابات والإعاقات ترسم ملامح عراق اليوم...
لم تكن فاطمة وعائشة تحملان السلاح وليس لعائلتهما أي رأي سياسي معارض أو حتى مؤيد لأنهم أشخاص بسطاء يبحثون عن لقمة العيش فقط  في وطن الموت والدمار والفساد لكن بساطتهم وسلميتهم لم تمنع قذائف الغدر المالكية من قتلهم بدم بارد وهم داخل منزلهم البسيط في مدينة الفلوجة العظيمة ، هؤلاء يا مالكي مدنيين لا يحملون سلاحاً فماذا ستقول عنهم هل ستردد خرافة داعش أم ستقول أنهم من تنظيم القاعدة ؟؟؟
كل يوم أتسمر أمام الحاسوب ساعات وساعات أستجدي مخيلتي لأكتب مقال عما يفعله المالكي في أهل الأنبار ، أكتب ليس لأني أريد أن اكتب بل أكتب لأكفر عن ذنب عدم نصرتي لهم بعد أن أصبح حالي من حال الملايين ممن يستبدلون القتال بالمقال والسلاح بالصراخ ، وتبدأ كلماتي العرجاء تملئ صفحات بيضاء ، وتفرغ أناملي جم غضبها على أزرار الكيبورد وكأنها هي الأخرى من أنصار المالكي فلا ضير من تحقيق نصر صوري أمام نفسي ، ولكنني ما أن أنتهي من المقال حتى أشعر بالتفاهة وأمسح ما كتبت لكني هذه المرة قررت أن أقاسمكم خذلاني فأي كلمات هذه التي أكتبها أمام عظمة ما ينقل لنا صوت وصورة من أرض الأنبار  ، هل تستطيع الكلمات أن تصف أطفالا صناديد يعلمون أهل الحرب والعسكر فنون الإنتصار ، أم توصل أصوات نساء أشجع من الرجال يشعر المرء أمام صمودهن بالخجل والعار ، أم توصل آهات طفلة تفقد ساقيها وتتكلم بحكمة ودبلوماسية تفوق دبلوماسية الساسة والسفراء ، أو حكاية رجلا فقد كل أطفاله لتروي دموع القهر على خديه حكاية بقاء وحق يأبى النسيان أو الاندثار ، أي كلمات تلك التي أنظمها ، مؤنقه ، مرصوفة وكأنها سكة قطار ، متخذتا شكل مقال مليء بالخذلان والانبطاح والخزي والعار
ختاما أقول للمالكي أن عائلة محمد وأحمد رحمهم الله واسكنهم فسيح جناته رغم بساطتهم كانوا يؤمنون بأن الوطن حيز اخلاقي فطري يسكننا قبل ان نسكنه لكنه رغم انه يتسع للجميع الا انه يضيق بالجلاد والضحية فالوطن لا يقبل القسمة على الدم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق