الخميس، 7 أغسطس 2014

محمد العرب يكتب ... 1000 عدو ولا صديق نذل





بما لا يقبل الشك والتأويل فإن أبشع أنواع السرقات , سرقة تاريخ الآخرين بحجة التقليد في زمن أصبح من الممكن لأي شخص أن ينسب لنفسه تاريخ محارب حتى لو لم يطلق رصاصة بالهواء طوال عمره , أو تاريخ مناضل حتى و إن كان يجهل ابجديات الكفاح , فنحن في زمن الألقاب الكاذبة فيمكن أن تكون خبيراً وناشطاً وحقوقياً ومناضلاً وثائراً إلى اخر الألقاب والنعوت والصفات من خلال حساب تويتر أو فيسبوك في العالم الافتراضي السحيق ...
وفي ظل كل ما تقدم يحتاج الجميع إلى الأوفياء ولا أبالغ إن وصفت الصديق الوفي بأحد عجائب الدنيا , فالصديق الحقيقي هو ذلك الإنسان الذي تكون معه كما لو أنك لوحدك , لأنك تعتبره بمثابة النفس فهو الذي يقبل عذرك و يسامحك إذا أخطأت , و يشغل مكانك عندما تغيب , وهو الذي يظن بك الظن الحسن , حتى إذا أخطأت بحقه فيلتمس العذر لك ويقول في نفسه لعله لم يقصد ذلك ...
الصديق الوفي هو الذي يكون معك في السراء و الضراء , في الفرح و الحزن , في السعةِ و الضيق , في الغنى و الفقر , وهو الذي يؤثرك على نفسه و يتمنى لك الخير دائماً , هو الذي ينصحك إذا رأى عيبك و يشجعك إذا رأى منك الخير ويعينك على العمل الصالح...
وهو الذي يوسع لك في المجلس و يسبقك بالسلام إذا لقاك ويسعى في حاجتك إذا احتجت اليه , هو الذي يحبك في الله دون مصلحة مادية أو معنوية وهو الذي يفرح إذا احتجت إليه و يسرع لخدمتك دون مقابل وهو الذي يتمنى لك ما يتمناه لنفسه...
كل ما تقدم هو أمنيات وربما أحلام , فأنا شخصياً لم أجد هذا المخلوق بعد , ربما لأنه كائن منقرض أو لأن ما تقدم صفات خيالية , لذا لن أبحر أكثر فوق أمواج المجهول للبحث عن الصديق الصدوق الوفي والمثالي لأستحالة ايجاده , ولأني شخصيا لست كذلك لذا من الغباء أن تطالب بصديق لا يمكنك أن تحمل صفاته ,لذا سأترك عالم الأوفياء لأتفرغ للحديث عن عالم الأنذال , وفي البداية أريد أن أقول أن الجميع يمر بمساحة نفسية تعرف في أعراف الإنسانية بحيز الحمقى ، فقد نرتكب حماقات غير مبرره ندفع ثمنها فواتير مبررات لها , لذا لا تتصيدوا عثرات من أحسن إليكم لأن الله عز وجل يساعد أهل المروءات على قدر احسانهم لعباده , لعل عثراتهم وجدت لقياس مدى الوفاء لديكم ، فإن كان لابد أن تكونوا في حيز الحمقى بعد أن وضَعتكم مجريات الأحداث في موقع الحكم في سجالات بشرية لأناس ادخلتهم اعمالهم الى حيز الحمقى , فتسلحوا بشرف الخصومة وأدب النقد لأننا جميعا عرضة لأن نكون حمقى في بعض الأحيان...
شخصيا أعتقد أن الأحمق الحقيقي هو من يمارس دور الرقابة على أخطاء غيره ولا ينكرها على نفسه , لأنه هكذا لا يخدع الأخرين إنما يخدع نفسه , والعاقل لا يخدع نفسه ، ليس هنالك ضير من التعايش مع الحمقى إذا كان التعايش يضع الحمقى في مستوي الرعية أما إن يطالب الأحمق بغطاء شعبي ليصبح هو الراعي هنا لا مناص من التصدي له , فكل الأمم التي اندثرت بالحروب والنزاعات كان يتزعمهم أحمق ما ، جلبته ظروف ما ، إلى موقع المسؤولية ، شخصيا أطبق قاعدة ذهبية للتعامل مع الحمقى الذي يسوقهم القدر إلى دربي أو يسوقني إلى دروبهم , فأنا أجعل الصمت أقوى عقوبة لمن يتطاول على شخصي أو عائلتي من الجاهلين والحمقى لأن الناس ستذكر صمتي بدقة وتنسى كلامهم , وكثيرا ما أردد عبارة لا تجادل الجاهل بالدليل والبرهان فالجهل يفقد صاحبه صفة الانسان ، ولأني مؤمن بأن الحياة مجموعة إنتصارات يضاف لها مجموعة إنتكاسات , لذا أشكر الله على كل حال فالنصر والهزيمة قدر كتبه الله لي ولغيري ، شخصيا أبتليت مؤخرا بصديق نذل اشغلني عن مقارعة 1000 عدو فقد توهم هذا الشيء الذي كان يحمل صفة صديق بأنه يمكنه أن يصنع مجده علي حطام مستقبلي متناسيا بأن أبشع الهزائم تلك التي نكسوها بثياب الإنتصار لأننا إذا نجحنا في إقناع من حولنا بانتصار وهمي فعلينا أن نرضى بغنائم كاذبة ...
لمثل هذا الصديق النذل أقول علمتني الحياة بأن أخذ حقي بلا زيادة وأتبرع بجزءٍ منه شكراً لله عز وجل على ما رزقني به من مواهب وقدرات وأحرص على أن لا أفسد نعمة القوة بأخذ ماهو ليس لي...
صديقي النذل أُخرج من حياتي إلى الأبد فنحن في زمن الصفير بعد أن تلاشى الصهيل بين ثنايا الخنوع والخنوع لا يليق بأمثالي , وأذكرك بأن نصف بريق الشجاعة يملكه أهل الكرم والنصف الاخر في حوزة أهل الإيثار لذا لا شجاعة بلا كرم وإيثار ، لا أتصور أن يكون الكريم جبان ولا يمكن أن يتصف الفارس بالشجاعة إن كان لا يمتلك الايثار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق